إن الشطرنج ليس مجرد تحريك لقطع على الرقعة، بل هو ساحة تتطلب إرادة فولاذية، وفكراً عميقاً، وجهداً مضنياً. وفي هذه الساحة يبعث ظهور جيلنا الشاب، الجسور والطموح، شعوراً لا يوصف من الفخر في نفوس أبناء شعبنا. وها هو الأستاذ الكبير الأوزبكي، جواهر سينداروف، البالغ من العمر 19 عاماً، يعتلي قمّة تاريخية جديدة، حيث توّج بلقب كأس العالم الذي نظمته الفيدرالية الدولية للشطرنج (FIDE) لعام 2025 في مدينة غوا الهندية، ليصبح بطلاً جديداً على عرش الشطرنج العالمي.

في النهائي، خاض سينداروف مواجهة حاسمة أمام اللاعب الصيني وي يي، وتمكن – وهو يلعب بالقطع السوداء – من تقديم أداء واثق وحاسم أهّله للفوز بالمباراة. وبهذا الإنجاز، نال كأس العالم وجائزة مالية قدرها 120 ألف دولار أمريكي. والأهم من ذلك، أنه ضمن بطاقة التأهل الرسمية إلى دورة المرشحين لعام 2026، وهي إحدى أعلى المحطات في عالم الشطرنج.

كما يؤكد هذا الإنجاز مرة أخرى قوة مدرسة الشطرنج الأوزبكية. وتجدر الإشارة إلى أن رستم قاسيمجانوف كان قد خطف هذا اللقب قبل 21 عاماً، ليدخل التاريخ. واليوم يأتي جواهر سينداروف ليواصل هذه السلسلة المشرفة ويكتب صفحة جديدة في سجل إنجازات بلادنا.

ولا بد من التوقف عند بعض تفاصيل المباراة. ففي أولى جولات التاي-بريك ارتكب وي يي خطأً فادحاً في النقلة الثلاثين، غير أن الوضع المعقد حال دون قدرة جواهر على إيجاد السبيل الفوري للفوز، لتنتهي الجولة بالتعادل. ومع ذلك، فقد تمكن سينداروف في المواجهة الفاصلة من استعادة تركيزه، وكشف نقاط الضعف لدى منافسه، ولعب بإصرار حتى حسم النتيجة لصالحه.

إن هذا الانتصار لم يكن محض صدفة؛ فجواهر نفسه أوضح أنه كان يتدرّب قبل البطولة ما يقارب 20 ساعة يومياً، محللاً المواقف الصعبة ومتقناً مختلف جوانب اللعب. إن هذا الإصرار والالتزام كانا حجر الأساس في صعوده إلى القمة.

وتجني أوزبكستان اليوم ثمار الاهتمام المتزايد بتطوير الشطرنج، إذ تأتي هذه الانتصارات دليلاً واضحاً على ذلك. إن بروز شاب في التاسعة عشرة من عمره وسط منافسين عالميين بهذا المستوى لا يعد إنجازاً رياضياً فحسب، بل يعكس أيضاً مكانة العلم والفكر في وجدان شعبنا.

إن تتويج جواهر سينداروف بطلاً لكأس العالم يمثل مرحلة جديدة لشطرنج أوزبكستان، ومصدراً عظيماً للإلهام لشبابنا. فقد أثبت هذا الإنجاز من جديد أن الجيل الجديد من لاعبي بلادنا يمتلك طاقات لا حدود لها.

لقد اعتلى أحد أبناء وطننا اليوم إحدى أعلى قمم الشطرنج العالمي. وإن هذا الفوز هو فرحة وفخر واعتزاز ليس لجواهر وحده، بل ولجميع أبناء أوزبكستان. وتنتظر بطلنا الآن تحديات أكبر: دورة المرشحين، ومن ثم المنافسة على تاج بطولة العالم للشطرنج.